مصر وإجهاض مؤامرة إسرائيل في جنوب السودان
في إطار الجهود المصرية المتواصلة لتحسين العلاقات بين دول حوض النيل من جهة والتصدي للتغلغل الإسرائيلي في عدد من تلك الدول من جهة أخرى ، أعلن وزير الري والمياه المصري الدكتور محمد نصر الدين علام يوم الأحد الموافق 11 يوليو / تموز أن بلاده قررت منح مساعدات مالية لحكومة جنوب السودان بقيمة 300 مليون دولار.
وأضاف علام أن هذا المبلغ سيصرف على مشاريع المياه والكهرباء في جنوب السودان الذي يستعد لإجراء استفتاء على مصيره بحلول أوائل العام المقبل ، موضحا أن تلك المساعدة تعتبر استمرارا للتحركات المصرية الناجحة نحو دول حوض النيل وخاصة السودان.
ويأتي التطور السابق بعد أن قام وفد مصري برئاسة السفيرة فاطمة جلال أمين عام الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا في 6 يوليو بزيارة إلى مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان استغرقت يومين وتم خلالها تسليم معونة لوجيستية عبارة عن أجهزة كمبيوتر وآلات تصوير ، كما قام الوفد بتفقد عدد من المشروعات التي أنشأها الصندوق الإفريقي وتسليم معونة لجمعية المكفوفين.
وصرحت السفيرة فاطمة جلال حينها بأن الزيارة جاءت في إطار دعم مصر للسودان بصفة عامة والجنوب بصفة خاصة ، موضحة أنها قامت باستطلاع الاحتياجات في الجنوب خاصة في مجال الرعاية الصحية والاستفادة بالخبرات المصرية في هذا الخصوص ، كما قامت بزيارة المركز الطبي المصري ومركز التأهيل المهني بالجنوب.
وتابعت قائلة :" بحثت خلال الزيارة بدء إرسال القوافل الطبية للجنوب بمعدل قافلتين إلى 3 قوافل شهريا لعلاج الأطفال وأمراض العيون والجلدية والباطنة كما حدث بالنسبة لدارفور، والتي تم إرسال القوافل الطبية المصرية إليها في جميع التخصصات".
وأضافت أن تلك القوافل تتواكب مع إرسال معونة لوجيستية أخرى لشرق السودان وإرسال معونات عبارة عن أجهزة حاسب آلي للنيجر وإفريقيا الوسطى وسيراليون ، كما يتم الإعداد حاليا لزيارة إلى كينشاسا لتسليم معونة دوائية لمكافحة الملاريا ومبيدات زراعية وجرارات .
واختتمت السفيرة المصرية تصريحاتها قائلة: "إن الصندوق ينظم حاليا عددا من الدورات التدريبية الخاصة لكوادر من الدول الإفريقية منها دورة خاصة في مجال سبل الري الحديثة ".
تحركات ودلالات
ورغم أن مصر بدأت تحركات مكثفة باتجاه دول حوض النيل منذ توقيع اتفاقية عنتيبي ، إلا أن تركيزها على جنوب السودان يحمل دلالات هامة من أبرزها السعي لتجنب أي تداعيات كارثية في حال اختار جنوب السودان الانفصال ومحاولة منع نشوب حرب جديدة بين الشمال والجنوب ، هذا بالإضافة للأمر الأهم وهو الحليولة دون أن يتحول جنوب السودان في حال الانفصال إلى منطقة نفوذ إسرائيلية .
ومع أن البعض يقلل من أهمية انفصال جنوب السودان فيما يتعلق بمياه النيل بالنظر إلى أن النيل الأزرق الذي يشكل 85 % من موارد مياه النيل لا يمر في جنوب السودان وإنما النيل الأبيض فقط ، إلا أن الذي يهدد مصر هو أن إسرائيل كانت تزود متمردي جنوب السودان سابقا بالأسلحة ، كما سربت وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية مؤخرا أنها زادت من صفقات تهريب السلاح إلى جنوب السودان استعدادا لأي حرب قد تندلع بين الخرطوم وجنوب السودان في حال اختار الأخير الانفصال ولم يتم حسم القضايا الخلافية وخاصة ما يتعلق منها بالحدود والثروة النفطية والعملة ومياه النيل .
قناة جونجلي
وفي حال تجددت الحرب في السودان ، فإن هذا الأمر لن يخدم استقرار مصر ، هذا بالإضافة لأمر بات يرسم إلى حد كبير معالم تحرك القاهرة باتجاه جنوب السودان وهو أنه بعد اتفاقية عنتيبي تصاعدت الأصوات داخل مصر المطالبة بإحياء مشروع قناة جونجلي .
واللافت للانتباه أن وجهة نظر الأصوات السابقة تستند إلى أن النيل الأزرق لا يمر في جنوب السودان ولذا فإن خطر انفصاله لا يتعلق باحتمال سعيه لتقسيم حصة مصر والسودان في مياه النيل على ثلاث دول وليس على دولتين كما هو حاصل حاليا ، كما أن الخطر لا يتعلق باحتمال قيامه ببناء سدود على نهر النيل بإيعاز من إسرائيل ، وإنما الخطر الحقيقي ينصب على احتمال أن يصبح الجنوب مرتعا خصبا لإسرائيل في حال انفصاله وهو أمر سيمنع الفوائد التي كانت ستعود على مصر والسودان بل والعرب جميعا في حال تم إنجاز مشروع قناة جونجلي .
وكانت مصر سعت في عام 1975 إلى حفر قناة جونجلى بهدف توفير قرابة 7 مليارات متر مكعب من مياه النيل الأبيض تقسم مناصفة بين مصر والسودان والتي تضيع سنويا في أحراش ومستنقعات جنوب السودان هذا بجانب تجفيف مليون ونصف فدان من المستنقعات تصلح للزراعة ، إلا أن حركة التمرد في جنوب السودان سابقا أفشلت بمساعدة تل أبيب قيام هذا المشروع .
وقام المتمردون حينها بمهاجمة المهندسين المصريين وإحراق حفار المشروع بعد أن تم تنفيذ نحو 70 % منها بطول 265 كيلومترا من إجمالي طول القناة البالغ 360 كيلومترا ، وكان الزعيم السابق للحركة الشعبية لتحرير السودان جون جارانج من أبرز المعترضين على المشروع ، فيما كان التصور المصري والسوداني لشق القناة يرتبط بتوفير المياه مستقبلا وتجنب ما يتردد حول أن الحروب المستقبلية هي حروب المياه ، هذا بالإضافة إلى جعل السودان "سلة غذاء العالم العربي " ، ولكن أيا مما سبق لم يتحقق بسبب رفض حركة التمرد حينئذ لاتمام المشروع .
ويبدو أن الوضع لن يظل على حاله إذا اختار جنوب السودان الانفصال أو الاستمرار ضمن السودان الموحد ، فاتفاقية عنتيبي أكدت للجميع بما فيهم الحركة الشعبية ضرورة الإسراع بتنفيذ مشروع قناة جونجلي ، خاصة وأن دول المنابع الموقعة على الاتفاقية لم تأخذ في الاعتبار احتمال تضرر حصص مصر والسودان في مياه النيل ، هذا بالإضافة إلى أنه في حال انفصال الجنوب فإنه سيكون في حاجة ماسة لتجفيف المستنقعات وتوفير مساحات كبيرة من الأراضي صالحة للزراعة بما يخدم اقتصاده الوليد .
وبالنظر إلى أن تل أبيب ستسعى بكافة الطرق لمنع اتمام المشروع مستقبلا ، فقد رأت مصر ضرورة التحرك سريعا للتصدي للتغلغل الإسرائيلي في جنوب السودان وهو أمر سيعود بالفائدة على الجميع .
وتبقى حقيقة لابد أن يعيها جنوب السودان وهي أن إسرائيل تريد انفصاله ليس من أجل مصلحته وإنما للإسراع بتطبيق الخطة الصهيو - أمريكية لإيجاد شرق أوسط جديد يتم فيه تقسيم دول المنطقة إلي دويلات علي أسس طائفية وعرقية ودينية ، ولذا ليس من المستبعد أن تسعى مستقبلا لإحداث انقسامات داخل جنوب السودان نفسه عبر تأليب القبائل ضد بعضها البعض وذلك لتنفيذ مخططاتها في دول حوض النيل ومنطقة القرن الإفريقي .
والخلاصة أن قرار جنوب السودان في الاستفتاء المرتقب يجب أن يكون نابعا من إرادته الحقيقية ولا يعكس أجندة خارجية ، وتلك هي الرسالة التي تحاول مصر حاليا إيصالها لأشقائها في السودان سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو عرب أو أفارقة .
في إطار الجهود المصرية المتواصلة لتحسين العلاقات بين دول حوض النيل من جهة والتصدي للتغلغل الإسرائيلي في عدد من تلك الدول من جهة أخرى ، أعلن وزير الري والمياه المصري الدكتور محمد نصر الدين علام يوم الأحد الموافق 11 يوليو / تموز أن بلاده قررت منح مساعدات مالية لحكومة جنوب السودان بقيمة 300 مليون دولار.
وأضاف علام أن هذا المبلغ سيصرف على مشاريع المياه والكهرباء في جنوب السودان الذي يستعد لإجراء استفتاء على مصيره بحلول أوائل العام المقبل ، موضحا أن تلك المساعدة تعتبر استمرارا للتحركات المصرية الناجحة نحو دول حوض النيل وخاصة السودان.
ويأتي التطور السابق بعد أن قام وفد مصري برئاسة السفيرة فاطمة جلال أمين عام الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا في 6 يوليو بزيارة إلى مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان استغرقت يومين وتم خلالها تسليم معونة لوجيستية عبارة عن أجهزة كمبيوتر وآلات تصوير ، كما قام الوفد بتفقد عدد من المشروعات التي أنشأها الصندوق الإفريقي وتسليم معونة لجمعية المكفوفين.
وصرحت السفيرة فاطمة جلال حينها بأن الزيارة جاءت في إطار دعم مصر للسودان بصفة عامة والجنوب بصفة خاصة ، موضحة أنها قامت باستطلاع الاحتياجات في الجنوب خاصة في مجال الرعاية الصحية والاستفادة بالخبرات المصرية في هذا الخصوص ، كما قامت بزيارة المركز الطبي المصري ومركز التأهيل المهني بالجنوب.
وتابعت قائلة :" بحثت خلال الزيارة بدء إرسال القوافل الطبية للجنوب بمعدل قافلتين إلى 3 قوافل شهريا لعلاج الأطفال وأمراض العيون والجلدية والباطنة كما حدث بالنسبة لدارفور، والتي تم إرسال القوافل الطبية المصرية إليها في جميع التخصصات".
وأضافت أن تلك القوافل تتواكب مع إرسال معونة لوجيستية أخرى لشرق السودان وإرسال معونات عبارة عن أجهزة حاسب آلي للنيجر وإفريقيا الوسطى وسيراليون ، كما يتم الإعداد حاليا لزيارة إلى كينشاسا لتسليم معونة دوائية لمكافحة الملاريا ومبيدات زراعية وجرارات .
واختتمت السفيرة المصرية تصريحاتها قائلة: "إن الصندوق ينظم حاليا عددا من الدورات التدريبية الخاصة لكوادر من الدول الإفريقية منها دورة خاصة في مجال سبل الري الحديثة ".
تحركات ودلالات
ورغم أن مصر بدأت تحركات مكثفة باتجاه دول حوض النيل منذ توقيع اتفاقية عنتيبي ، إلا أن تركيزها على جنوب السودان يحمل دلالات هامة من أبرزها السعي لتجنب أي تداعيات كارثية في حال اختار جنوب السودان الانفصال ومحاولة منع نشوب حرب جديدة بين الشمال والجنوب ، هذا بالإضافة للأمر الأهم وهو الحليولة دون أن يتحول جنوب السودان في حال الانفصال إلى منطقة نفوذ إسرائيلية .
ومع أن البعض يقلل من أهمية انفصال جنوب السودان فيما يتعلق بمياه النيل بالنظر إلى أن النيل الأزرق الذي يشكل 85 % من موارد مياه النيل لا يمر في جنوب السودان وإنما النيل الأبيض فقط ، إلا أن الذي يهدد مصر هو أن إسرائيل كانت تزود متمردي جنوب السودان سابقا بالأسلحة ، كما سربت وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية مؤخرا أنها زادت من صفقات تهريب السلاح إلى جنوب السودان استعدادا لأي حرب قد تندلع بين الخرطوم وجنوب السودان في حال اختار الأخير الانفصال ولم يتم حسم القضايا الخلافية وخاصة ما يتعلق منها بالحدود والثروة النفطية والعملة ومياه النيل .
قناة جونجلي
وفي حال تجددت الحرب في السودان ، فإن هذا الأمر لن يخدم استقرار مصر ، هذا بالإضافة لأمر بات يرسم إلى حد كبير معالم تحرك القاهرة باتجاه جنوب السودان وهو أنه بعد اتفاقية عنتيبي تصاعدت الأصوات داخل مصر المطالبة بإحياء مشروع قناة جونجلي .
واللافت للانتباه أن وجهة نظر الأصوات السابقة تستند إلى أن النيل الأزرق لا يمر في جنوب السودان ولذا فإن خطر انفصاله لا يتعلق باحتمال سعيه لتقسيم حصة مصر والسودان في مياه النيل على ثلاث دول وليس على دولتين كما هو حاصل حاليا ، كما أن الخطر لا يتعلق باحتمال قيامه ببناء سدود على نهر النيل بإيعاز من إسرائيل ، وإنما الخطر الحقيقي ينصب على احتمال أن يصبح الجنوب مرتعا خصبا لإسرائيل في حال انفصاله وهو أمر سيمنع الفوائد التي كانت ستعود على مصر والسودان بل والعرب جميعا في حال تم إنجاز مشروع قناة جونجلي .
وكانت مصر سعت في عام 1975 إلى حفر قناة جونجلى بهدف توفير قرابة 7 مليارات متر مكعب من مياه النيل الأبيض تقسم مناصفة بين مصر والسودان والتي تضيع سنويا في أحراش ومستنقعات جنوب السودان هذا بجانب تجفيف مليون ونصف فدان من المستنقعات تصلح للزراعة ، إلا أن حركة التمرد في جنوب السودان سابقا أفشلت بمساعدة تل أبيب قيام هذا المشروع .
وقام المتمردون حينها بمهاجمة المهندسين المصريين وإحراق حفار المشروع بعد أن تم تنفيذ نحو 70 % منها بطول 265 كيلومترا من إجمالي طول القناة البالغ 360 كيلومترا ، وكان الزعيم السابق للحركة الشعبية لتحرير السودان جون جارانج من أبرز المعترضين على المشروع ، فيما كان التصور المصري والسوداني لشق القناة يرتبط بتوفير المياه مستقبلا وتجنب ما يتردد حول أن الحروب المستقبلية هي حروب المياه ، هذا بالإضافة إلى جعل السودان "سلة غذاء العالم العربي " ، ولكن أيا مما سبق لم يتحقق بسبب رفض حركة التمرد حينئذ لاتمام المشروع .
ويبدو أن الوضع لن يظل على حاله إذا اختار جنوب السودان الانفصال أو الاستمرار ضمن السودان الموحد ، فاتفاقية عنتيبي أكدت للجميع بما فيهم الحركة الشعبية ضرورة الإسراع بتنفيذ مشروع قناة جونجلي ، خاصة وأن دول المنابع الموقعة على الاتفاقية لم تأخذ في الاعتبار احتمال تضرر حصص مصر والسودان في مياه النيل ، هذا بالإضافة إلى أنه في حال انفصال الجنوب فإنه سيكون في حاجة ماسة لتجفيف المستنقعات وتوفير مساحات كبيرة من الأراضي صالحة للزراعة بما يخدم اقتصاده الوليد .
وبالنظر إلى أن تل أبيب ستسعى بكافة الطرق لمنع اتمام المشروع مستقبلا ، فقد رأت مصر ضرورة التحرك سريعا للتصدي للتغلغل الإسرائيلي في جنوب السودان وهو أمر سيعود بالفائدة على الجميع .
وتبقى حقيقة لابد أن يعيها جنوب السودان وهي أن إسرائيل تريد انفصاله ليس من أجل مصلحته وإنما للإسراع بتطبيق الخطة الصهيو - أمريكية لإيجاد شرق أوسط جديد يتم فيه تقسيم دول المنطقة إلي دويلات علي أسس طائفية وعرقية ودينية ، ولذا ليس من المستبعد أن تسعى مستقبلا لإحداث انقسامات داخل جنوب السودان نفسه عبر تأليب القبائل ضد بعضها البعض وذلك لتنفيذ مخططاتها في دول حوض النيل ومنطقة القرن الإفريقي .
والخلاصة أن قرار جنوب السودان في الاستفتاء المرتقب يجب أن يكون نابعا من إرادته الحقيقية ولا يعكس أجندة خارجية ، وتلك هي الرسالة التي تحاول مصر حاليا إيصالها لأشقائها في السودان سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو عرب أو أفارقة .